المحبة الصادقة لرسول الله عليه الصلاة والسلام
بسم الله و الصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد
يقول الله جل في علاه مخاطبا عباده في محكم التنزيل
{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)}
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره العظيم
هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله، وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأحواله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ("مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عليه أمْرُنَا فَهُوَ رَدُّ") ولهذا قال: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ } أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه، وهو محبته إياكم، وهو أعظم من الأول.
كما قال بعض الحكماء العلماء: ليس الشأن أن تُحِبّ، إنما الشأن أن تُحَبّ ، وقال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية، فقال: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ } .
فمن يدعي حقا أنه يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليعرض نفسه على سنته عليه الصلاة والسلام فإن المحبة ليست دعوة تدعى وأنما هي تمسك بسنته وأثاره وتصديق أخباره ودعوة للحفاظ على شريعته.
هذه هي المحبة الحقيقية وقد ابتلاكم الله بهذه الأية ليعرف صدقكم:-
{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)}
فمن كان حقا يحب محمد عليه الصلاة والسلام فلا يخالف أمره ولا يتعبد الله إلا بطريقته.
فكثير من المسلمين اليوم يتأهبون للإحتفال بالمولد النبوي ولا نعلم من دين الله شيئا عن هذا الإحتفال والله جل ذكره قد أنزل على نبيه في حجة الوداع آية كريمة كما هي كل آي القرأن قال تعالى:-
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}
فديننا كامل ليس فيه نقصان ومن يدعي أنه يحتفل بالمولد النبوي تقربا إلي الله فليعلم أنه أحدث في دين الله ماليس فيه فأكثر الناس محبة لرسول الله هم أصحابه وهم الذين لقوا في سبيل نشر دعوة الإسلام ما الله به عليم فأخرجوا من ديارهم بغير حق وأخذت منهم أموالهم عنوة ومع ذلك هان عليهم كل ذلك في سبيل الله ونصرة رسوله، وما سمعنا بأحد منهم أنه احتفل بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام لا الخلفاء الراشدون ولا غيرهم من أئمة الهدى ومصابيح الدجى.
فلسنا نحب محمد صلى الله عليه وسلم بأكثر مما كان أبوبكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عن الجميع ولقد كانت زمن خلافتهم بمجموعه مايقرب الثلاثين سنة وماسمعنا أن أحدهم أقام مولدا ولا غيره وماكانت الموالد إلا في عهد الدولة الفاطمية الرافضية في القرن الرابع أي بعد وفاته عليه الصلاة والسلام بما يقارب 400 سنة وكانت قائمة على الشرك بالله ومن يتعجب من هذا الكلام فليقرأ تاريخ تلك الدولة الفاسد فهم أول من أقام هذه البدعة ودعوا الناس إليها وبنوا القبب والمشاهد على القبور ليصرفوا الناس عن توحيد ربهم إلي التبرك بأثار الأولياء والصالحين وارجعوا إلي تاريخ تلك الدولة ستجدون أنهم من أنشأ مقاما للحسين عليه السلام زعموا فيه أنهم أتوا برأسه من العراق ليصير ذلك المقام مكانا يدعي فيه الحسين من دون الله وغيره كثير.
فدين الإسلام كامل ليس فيه مكان للزيادة ولا للنقصان فليس عندنا بدعة حسنة وأخرى سيئة المحدثات في الدين كلها بدع
(كل بدعة ضلالة) وهذا لفظ عام يشمل البدع كلها التي أحدثت في الدين مما ليس له أساس
فإن كل بدعة في الدين هي ضلال
لأنها مخالفة لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه, ولا يستثنى من ذلك شيء
ولا يقال: إن في الإسلام بدعة حسنة
فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (كل بدعة ضلال) فكيف يقال: إن في الإسلام بدعة حسنة؟!
وقد جاء عن الإمام مالك رحمة الله عليه أنه قال:
من زعم أن في الإسلام بدعة حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة؛ لأن الله تعالى يقول:
( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا )
ثم قال:
( ما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم ديناً )
وقد حذرنا رسول الله من عقوبة مخالفة أمره فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى" قالوا ومن يأبى؟ قال "من أطاعني دخل
الجنة ومن عصاني فقد أبى" رواه البخاري
فيا من تدعي حب الرسول لما عصيته لعمرك هذا في القياس شنيع
فلو كان حبك صادقا لأطعته فإن المحب لمن يحب مطيع
أعاذنا الله وإياكم من مضلات الفتن وما اكثرها في هذا الزمان
هذا والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد